[ لمتابعة رابط المشاركة الأصليّة للبيان ]
https://albushra-islamia.net./showthread.php?p=235525
الإمام ناصر محمد اليماني
25 - 11 - 1437 هـ
28 - 08 - 2016 مـ
01:16 مساءً
ــــــــــــــــــــ
بِسْم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله المكرمين، وآلهم المطهرين وجميع المؤمنين في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أمّا بعد..
قال الله تعالى: {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ﴿٤٤﴾ فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ﴿٤٥﴾ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴿٤٦﴾ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٧﴾ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴿٤٨﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [الطور].
والله الذي لا إله غيره إنّ عذاب الله لآتٍ في هذه الأمّة فيرسله الله على الظالمين من السماء والأرض، ولسوف يبدو لكم من الله ما لم تكونوا تحتسبون، ولقد أعلنتُ لكم وأسررتُ لكم إسراراً، وحذّرتكم أنّ الله غضِب لكتابه الذي أبيتُم أن تحتكموا إليه فيما كُنتُم فيه تختلفون.
وربّما يودّ أحد عامة المسلمين أن يقول: "وما يدرينا أنّك أنت المهديّ المنتظَر! فلَكَم ادّعى شخصيّة المهديّ المنتظَر كثيرٌ من الشخصيّات؛ أكثر من ثلاثين كذاباً وكلّاً منهم يقول إنّه المهديّ المنتظَر، ولذلك نظنّ أنّك لستَ إلا على شاكلتهم يا ناصر محمد اليماني، ولذلك يجب عليك أن تعذر عامة المسلمين كوننا منتظرين إذا صدّق العلماء أنّك المهديّ المنتظَر صدّقناك واتّبعناك، وإن كذّبوا كذّبناك". فمن ثمّ يردّ المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني: بئس العقول عقولكم وبئس العلماء علماؤكم الذين لا يفرّقون بين البعير والحمير ولا يفرّقون بين التعزير والتشهير، فوالله الذي لا إله غيره إنّ الفرق بين المهديّ المنتظَر الحقّ وبين مدّعي شخصيّة المهديّ المنتظَر باطلاً وافتراءً هو كالفرق بين جملٍ بعيرٍ بين ثلاثين من الحمير! فهل لا تستطيعون أن تميّزوا البعير من بين مجموعة الحمير؟ فكذلك علماؤكم الذين تنتظرون تصديقهم حتى تتبعوا، فكذلك لا فرق لديهم بين التعزير والتشهير برغم أنّ الفرق عظيمٌ بين التعزير والتشهير، فَلَو تسألون كافة علمائكم وتقرأون كتيّباتهم لوجدتم أنّ التعزير حدٌّ من حدود الله يقام على المفسدين في الأرض. فمن ثمّ يقيم عليكم المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني الحجّة من محكم كتاب الله لتعريف التعزير، فتجدون الله يفتيكم أنّ التعزير هو شدّ أزر الأنبياء وأئمة الكتاب، فكيف تجعلون ذلك حدّاً على المفسدين في الأرض؟ فهل أنبياء الله في نظركم مفسدون في الأرض؟ ألم يأمركم الله بتعزيرهم؟ وتجدون فتوى الله في محكم كتابه في القرآن العظيم في آياتٍ بيّناتٍ لعلماء الأمّة وعامة المسلمين في آياتٍ بيناتٍ لا يكفر بها إلا الفاسقون، فهل تستطيعون يا كافة علماء المسلمين وعامتهم أن تنكروا بأنّ التعزير في محكم الكتاب هو شدّ الأزر وليس إقامة حدّ التعزير؟ بل تجدوه العكس تماماً! ويفتيكم الله أنّ التعزير هو شدّ الأزر نصرةً لأنبيائه. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٨﴾ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الفتح].
وكذلك اللهُ أمَرَ كلّ أمّةٍ أن تعزّر رسولهم الحقّ من ربهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ وَقَالَ اللَّـهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١٢﴾ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} صدق الله العظيم [المائدة:12-13].
فانظروا ليوسف القرضاوي الذي يسمّي حدّ الرّجم حدّاً تعزيريّاً ويقول: "إنّه قد حكم به النبيّ بادئ الأمر كونه كان في الشريعة اليهوديّة". وَيَا سبحان الله! بل حدٌّ يهوديٌّ موضوعٌ مفترى في دين محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولم ينزّل اللهُ حدَّ الرجم بالحجارة حتى الموت؛ بل ذلك حدٌّ في حكم الطاغوت جاء به الشيطان الرجيم ليتمّ تطبيقه على الذين يرتدّون عن عبادة الطاغوت والأصنام إلى عبادة الله الحقّ، ثم حكم الطاغوت عليهم بالرجم بالحجارة حتى الموت. ولذلك قال الله تعالى في قصة أصحاب الكهف؛ قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴿٢٠﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
فالسؤال الذي يطرح نفسه: فهل تحكمون بحكم الطاغوت الشيطان الرجيم؟ فذلك حكمٌ جاء به الشيطان الطاغوت وأمر أولياءه أن يطبّقوا حدّ الرجم على من ارتدّ من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، فوالله إنكم لتحكمون بحكم الشيطان وتذرون حكم الرحمن في محكم القرآن.
وبالنسبة لحدّ الرجم للزاني المتزوج، نعم هو حدٌّ يهوديٌّ مفترى على الله ورسله كما فصلناه لكم تفصيلاً منذ عددٍ من السنين، ولم يكن شريعةً يهوديّةً بل حدّاً يهوديّاً مفترًى من شياطين البشر المنافقين من اليهود على الله ورسوله، ولم يُنزَّل به سلطاناً لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن العظيم. وثانياً، كيف يحكم به النبيّ بادئ الأمر؟ ألم ينهَ الله رسوله ويحذّره أن يتّبع أهوائهم؟ بل أمره الله أن يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه في التوراة والإنجيل فيأتي بالحكم مما أنزل الله في محكم القرآن العظيم ثم يأتيهم الله بحكمه الحقّ من محكم القرآن، كون الله جعل القرآن هو المُهيمن على التوراة والإنجيل وأحاديث السّنة النبويّة، فما جاء مخالفاً لمحكم القرآن العظيم فهو مُفترى من عند غير الله.
وأما التعزير فلا أجده في كتاب الله أنّه حدودٌ جزائيّة؛ بل العكس تماماً هو دعوةٌ من الله أنْ تقرضوه لشدّ أزر رُسله وأئمة الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ وَقَالَ اللَّـهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١٢﴾ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} صدق الله العظيم.
وقال الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٨﴾ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الفتح].
فكيف تجعل التعزير حدّاً جزائيّاً يا قرضاوي؟ بل الحدّ الجزائيّ هو التشهير بالقاتل من بعد تنفيذه عليه بالصلب، فمن ثمّ يُدفن جثمانه في القبر وأما رأسه فيُمَلَّحُ ويُعلّق بالشارع العام ليكون عبرةً لمن يعتبر للذين يقتلون الناس ظلماً وعدواناً، ويُسمّى ذلك تشهيراً وليس تعزيراً، كون التعزير هو شدّ الأزر وأمّا التشهير فهو أن تشهّروا حدود الله للذين أقمتم عليهم حدَّ الله إذا لم يعفُ وليّ الدّم لوجه الله.
وكذلك حدّ السرقة فتُقطّع أيديهم بالضرب من المعصم؛ أي الكف ليدٍ واحدةٍ حتى تقطر بالدم من السوط، ولا يقصد الله أن تقطعوا أيديهم بقصّها؛ بل الجروح في كفّ السارق الأيسر فقط، وذلك بالجلد حتى تقطر يده دماً كما سوف نوضحه من بعد التمكين.
وبالنسبة للذين ينهبون الناسَ أموالهم في السبيل، فذلك نهبٌ أعظم من السَّرقة الخفيّة كونه يرافقه قهرٌ عظيمٌ للمنهوب الضعيف، فحكم الله في الكتاب أن تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ، أي تقطّع بالجَلد من الجروح حتى تقطرَ يده اليسرى وحَفَا قدمه من الأسفل، فلا يقصد الله أن تقصّوا أيديهم وأرجلهم؛ إذاً فكيف إذا سرق مرةً أخرى فماذا تقطعون اليد الأخرى، أم الرجل الأخرى!! إذاً فكيف يزيل نجاسة الأذى؟ وكيف يتوضأ؟ وكيف يشتغل لأولاده من بعد التوبة والردْع، ولا ولن تستطيعوا أن تقولوا أنّ الله يقصد في قصة النسوة اللاتي قطّعن أيديهن أنّه قَصُّ أيديهن، كون النسوة لم يقصصن أيديهنّ حين رأين يوسف؛ {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} صدق الله العظيم [يوسف:31]، ويتبيّن لكم إنّما يقصد الله أنّهنّ جرحْن أيديهن بالسكاكين؛ أي جروحٍ ولا يقصد قَصّ اليد.
وعلى كلّ حالٍ لسوف نترك المزيد من التفصيل في حدّ السرقة وقطع السبيل كونه أنواع على قدر الجريمة، فمنهم الذين همّوا وتمّ القبض عليهم وهم قطّاع سبيلٍ إلا أنّهم لم يفعلوا شيئاً بعد، فأولئك حدّهم النفي من الأرض، ولا يقصد الله أن تنفوهم فوق قومٍ آخرين فسوف يفسدون في أرضهم؛ بل يقصد الله بالنفي من الأرض أي من الشارع العام إلى السجن بين أربعة حيطانٍ بحسب جزائه زمناً معلوماً، وذلك ردعٌ له حتى لا يعود لما فعل، وإن عاد فيضاعف الحدّ الجزائيّ باستثناء حدّ الزنى بالتّراضي بين الزاني والزانية مائة جلدةٍ على حدّ سواء في كلّ مرة إلا قاطع السبيل المغتصب فمائتي جلدة، فتقطّع أيديهم وأرجلهم من خِلافٍ فمائة لتقطّع كفّ يده اليسرى ومائة لتقطّع حفا قدمه الأيمن كون حدّ المرأة المغتصبة يرفع عنها ويضاف إلى المغتصب، إلا من اغتصب طفلةً فماتت فهنا حدّه الصلب فيفصل رأسه عن جسده فيعلّق رأسه للتشهير في الشارع العام للعظة والعبرة. ولا يزال لدينا الكثير من التفصيل في حدود الله للمفسدين في الأرض لمنع ظلم الإنسان عن أخيه الإنسان.
ولا تستوي السرقات، فليس سارق السيّارة كمن يسرق بيضةً، وكذلك قد جعل الله لصاحب السرقة سلطان حقِّ العفو إن أراد أن يعفو لوجه الله، وإن أبَى أن يعفو صاحب البيض عن بيضته وتبيّن أنّ سارقها كان مسكيناً جائعاً فحتى ولو لم يعفُ عنه صاحب البيضة فلا يجوز أن يُقام حدّ السرقة على المسكين ويعطى ثمن البيضة من بيت مال المسلمين، كون للمسكين حقٌّ في بيت مال المسلمين.
وكذلك سرقة الطعام الجاهز من قبل المساكين ليُشبعوا جوعهم فيتمّ التحقيق في قضية السرقة فإن تبيّن أنهم مساكين لا يجدون ما يأكلون فهنا لا يجوز إقامة حدّ الله عليه؛ بل يُعطى قيمة الطعام من بيت مال المسلمين. ولو كانت هناك عدالةً في مصارف بيت مال المسلمين ورحمةً لَما سرق المسكين بيضةً أو طعاماً ليُشبع جوعه. وعلى كلّ حالٍ لقد جعل الله سلطاناً لصاحب السرقة كما جعل الله سلطاناً لولي دم المقتول ظلماً، فإمّا القصاص وإما أخذ الديّة والعفو لوجه الله. ولَكَمْ شوّهتم دين الرحمة للعالمين أيُّما تشويهٍ!
خليفة الله في الأرض يقول فصلاً ويحكم عدلاً بما أنزل الله؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.