استنباطٌ جميلٌ ورائعٌ للإمام المهديّ المنتظر، ولا ينكره إلا جاهلٌ ..
بِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم {قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} صدق الله العظيم [سورة يوسف:108].
إذًا بصيرة القرآن هي لمحمدٍ رسول الله ولِمَن اتَّبعه، فلماذا اتَّخذتم هذا القرآن مهجورًا؟! فمن يُجيركم من الله؟ ولربما يودُّ عالِمٌ آخر أن يقول: "فهل أنت يا مَن تزعم أنك المهديّ المنتظَر أعلَم من محمدٍ رسول الله وصحابته الأخيار بهذا القرآن العظيم؟ فقد بَيَّنه لنا محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - عن طريق السُّنة فيكفينا اتّباع السُّنة وذلك لأنّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلَّا الله تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ} صدق الله العظيم [سورة آل عمران:7]".
ومن ثُمّ يردُّ عليكم الإمام المهديّ وأقول: قال الله تعالى: {إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَا ۚ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦٨﴾ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [سورة يونس].
ولكني لم أجد في كتاب الله أنَّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلَّا الله؛ بل قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [سورة آل عمران].
إذًا يا قوم إنَّما يقصد الله بقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ}؛ ويقصد المُتشابِه وليس آيات الكتاب المُحكَمات البَيِّنات هُنّ أُمّ الكتاب لعالِمكم وجاهلكم، فَلِمَ تُحَرِّفون كلام الله عن مواضعه حتى تتَّبِعوا أهواءكم! أفلا تتَّقون؟ فمن يُجيركم من الله؟! أفلا تعلمون أنَّما المُتشابه في القرآن قليلٌ بنسبة عشرةٍ في المائة تقريبًا وتسعين في المائة من آيات الكتاب آياتٌ مُحكَماتٌ هُنّ أُمّ الكتاب جعلهُنّ الله آياتٍ بيّناتٍ لعالِمكم وجاهلكم حتى لا تكون لكم الحُجَّة على الله؛ بل وتوجد سورٌ جميعها مُحكمٌ واضحٌ بَيِّنٌ للعالِم والجاهل، أم إنكم لا تعلمون ما يقصد الله بقوله في سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّـهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم؟!
أم إنكم لا تعلمون ما يقصد الله بقوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١﴾ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ ﴿٢٢﴾ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾} صدق الله العظيم [سورة الحشر]؟!
ويا علماء أُمّة الإسلام لِمَ تخدعون أنفسكم وأُمَّتكم؟! فإذا كان لا يعلمُ تأويله إلَّا الله؛ فَلِمَ تجرَّأتم على تفسير القرآن - مُحكَمه ومُتشابهه - وأنتم لا تُفرِّقون بين المُتشابه والمُحكَم؟ ولسوف أُفتيكم وأُمَّة المُسلمين - عالِمهم وجاهلهم - كيف تُميِّزون بين آيات الكتاب المُحكَمات هُنّ أُمّ الكتاب والآيات المُتشابهات؛ ألا وإنَّ الأمر يَسيرٌ جدًا يدركه أولو الألباب الذين يتدبَّرون آيات الكتاب الذين يتلونه حقَّ تلاوته تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿١٢١﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
ولا يقصد حَقَّ تلاوته بالغُنَّة والقلقلة والتجويد كما جعلتم جُلَّ اهتمامكم في ذلك وذلك مبلغكم من العِلم! بل حقّ تلاوته أيْ: بالتدبّر والتفكّر في آياته تصديقًا لقول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [ص].
وأمَّا كيف تستطيعون أن تُميِّزوا بين آيات الكتاب المُحكَمات من الآيات المُتشابهات؛ فسبق أن ضربنا لكم على ذلك مثلًا في قول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
وكلمة التَّشابه هي في قول الله تعالى: {الظَّالِمِينَ} فهل يقصد ظُلم الخطيئة أم يقصد ظُلم الشرك في القلب؟ فإذا كان يقصد ظُلم الخطيئة فهذا يعني أن جميع الأنبياء والأئمة معصومون من الخطيئة! ولكن الظنّ لا يُغني من الحَقّ شيئًا، فكيف لكم أن تعلموا هل في هذه الآية تشابهٌ أم إنها مُحكَمة؟ فالأمر يسيرٌ عليكم لو كنتم تعقلون، فارجعوا إلى قِصص الأنبياء والمُرسَلين وتدبَّروا هل قَطّ وجدتم لأحدهم أخطاءً؟ فإذا لم تجدوا أن أحدهم أخطأ فقد تبيَّن لكم أن قول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم، خالٍ من كلمات التشابه، أما إذا وجدتم أن المُرسَلين قد يتعرَّضون لظُلم الخطيئة فقد أصبحت الآية فيها كلماتٌ متشابهة، وتعالوا للتطبيق للتصديق: فهل نجد أن الله يفتينا في آيةٍ أُخرى أن المُرسَلين يتعرَّضون لظُلم الخطيئة؟ وتجدون الفتوى في قول الله تعالى: {يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴿١٠﴾ إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [سورة النمل].
إذًا يا قوم إنّ المُرسَلين مُعَرَّضون لظُلم الخطيئة وربّي غفورٌ رحيمٌ لِمَن تاب وأناب كما أخطأ نبيّ الله موسى فارتكب ظُلم الخطيئة بقتل نفسٍ تعصُّبًا مع الذي هو مِن شيعته في ساعة غَضبٍ، ولَمَّا أدرك موسى أنه ظلم نفسه بخطيئة القتل قال: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [سورة القصص].
وذلك تصديقًا لقول الله تعالى: {يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴿١٠﴾ إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم.
ولو يتدبَّر الباحثون عن الحَقّ كيف اختلف علماء الشيعة وعلماء السُّنة في هذه المسألة فكُلٌّ منهم جاء ببُرهانه من القرآن، فأمَّا الشيعة فقالوا أنّ الأنبياء والأئمة معصومون من ظُلم الخطيئة وجاءوا بالبُرهان على عقيدتهم من مُتشابه القرآن وقالوا: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
وأمّا أهل السُّنة فاستدلّوا بقتل موسى لنفسٍ فظلم نفسه فتاب وأناب وجاءوا بالبُرهان من القرآن في قول الله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [سورة القصص].
وعَجز أهل السُّنة في إقناع الشيعة وعجز الشيعة في إقناع السُّنة! ولكن ناصر محمد اليمانيّ سوف يُلجم ألْسِنة الشيعة والسُّنة بالحقّ حتى لا يجدوا إلَّا أن يُسَلِّموا تسليمًا لِما قضيت بينهم بالحقّ أو يكفروا بالقرآن العظيم! وأما سِرّ إلجامي للشيعة، وذلك لأني أخذت الآية التي يُحاجّون بها الناس وبَيَّنت أن فيها من كلمات التشابه وأنه يقصد ظُلم الشرك ولا يقصد ظُلم الخطيئة، وذلك لأن الشرك ظُلمٌ عظيمٌ تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [سورة الأنعام]، أي أن قلوبهم سليمةٌ من ظُلم الشرك بالله؛ تصديقًا لقول الله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿٨٩﴾} صدق الله العظيم [سورة الشعراء]، وتصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [سورة لقمان:13]، وتصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿١١٦﴾} صدق الله العظيم [سورة النساء].
ولذلك لا ينبغي أن يكون الأنبياء والأئمة من المُشركين بالله؛ بل يُطَهِّر الله قلوبهم من ذلك تطهيرًا حتى يدعوا الناس إلى كلمة التوحيد فيُخرجوا الناس من الظُلمات إلى النور. وتبيَّن لكم الآن البيان الحَقّ لقول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
وتبيَّن لكم أنه يقصد ظُلم الشرك وليس ظُلم الخطيئة.
ويا معشر الأنصار، أرجو من الله أن لا تمَلّوا كثرة التكرار والتفصيل المُستمِرّ لعلّه يُحدث لهم ذِكرًا، وتجدونني أُكرِّر هذه النقطة كون هذه العقيدة هي السبب في مُبالغة الشيعة في الأئمة أنهم معصومون من الخطأ ويحاجّون الناس بقول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
أخُوكُم المهديّ المنتظَر الإمام؛ ناصر محمد اليمانيّ.
_________________