بسم الله الرحمن الرحيم
دعوة إلى الحوار في طاولة الحوار لبعض الشيوخ الدكاترة المدرسين في جامعة الأزهر
الحمد لله رب العالمين ورب العرش العظيم الذي بنعمته تتم الصالحات وتحل البركات ، والصلاة والسلام على النبيين والمرسلين وعلى خاتمهم الأمين محمد لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون وعلى آل الأنبياء وصحابتهم والتابعين للحق إلى يوم الدين ..
اللهم صل على عبدك وخليفتك وصفيك من خلقك المهدي الهادي الناصر لمحمد على نفس البصيرة بعثته ولأعظم الغايات أكرمته وأهدى الرايات حملته ولبيان القرآن من ذات القرآن علمته ، وأحسن القوم من أحبابك وأولياءك أحطته ، ليسعى ويسعوا في رضوانك فيقوم ويقوموا على هداية الناس ليكونوا أمة واحدة شاكرة لك ..
اللهم صل على القوم الذين تحبهم ويحبونك الأنصار الأخيار صفوة لبشرية وخير البرية ..
وبعد ،
فهذه دعوة إلى الحوار في طاولة الحوار بين يدي الناصر لمحمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عرضتها على بعض الشيوخ الدكاترة المدرسين في جامعة الأزهر منهم الشيخ الدكتور محمد ذكري مدرس مادة الحديث النبوي الشريف ..
أنقلها إلى بين يدي إمامي وقرة عيني وأعز أنفاسي المهدي الهادي إلى الصراط المستقيم والأنصار الأخيار صفوة البشرية وخير البرية ..
مع العلم أني قد حجبت من صفحة أخينا الدكتور الشيخ محمد ذكري التي دار فيها الحوار والدعوة إلى الحوار في طاولة الحوار ،
وكان هذا غريبا جدا غير متوقعا ..
فلماذا هذا التهرب والهروب ..
منقول من الـ facebook
..
https://www.facebook.com/mohamed.zekry.56/posts/4422306481220?comment_id=65546329&ref=notif¬if_t=feed_comment_reply
Waleed Aljabarti
..
بسم الله الرحمن الرحيم
MohamedZekry
AhmedTaha
د. مختار محمد
الأخوة الشيوخ الأكارم .. الباحثون عن الحق المبين .. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. وبما أن الحوار فتح من جديد ، فإن الله وعد الذين جاهدوا في معرفة الحق ليهدينهم سبله تصديقا لقوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}
وتعقيبا على كلام الأكارم .. فإن الله تعالى يقول في كتابه: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولـئك الذين هداهم الله وأولـئك هم أولو الألباب} .. فاستمعوا القول لتتبعوا أحسنه ويهديكم الله يا أولي الألباب ..
ولنأتي إلى قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿81﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿82﴾} .. فمن هؤلاء القوم .. والسؤال كان من أحد الأفاضل ..
والجواب هم طائفة من المنافقين الذين تظاهروا بالإسلام يريدون أن تضلوا السبيل تصديقا لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴿44﴾} [النساء] .. فهم أهل التحريف وأولياء الشيطان وشياطين البشر أعداء الأنبياء الذين يزخرفون القول ليغرروا به ويكذبوا على أنبياء الله كما قال الله عنهم:
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴿112﴾ وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴿113﴾ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿114﴾} [الأنعام] ..
وصحابة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الذين اتبعوه رضي الله عنهم وأرضاهم بريئون من هذا الجرم براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام .. وإنما كذب على نبي الله عليه وآله الصلاة والسلام قوم أخرون كانوا يحضرون مجلس رسول الله ليقال سمعوا منه وهم قد دخلوا بالكفر وقد خرجوا به يبيتون غير الذي يقول تصديقا لقوله تعالى:
{وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ ﴿61﴾} [المائدة] .. وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿81﴾} [النساء] ..
وهؤلاء الطائفة إنما هم امتداد لمنظومة الصد عن سبيل الله وليسوا هم بعينهم المتهمون بوضع الحديث ولكن منهم في كل زمان أنصار يحملون راية الشيطان يسعون في سخط الرحمن ويكرهون رضوانه ..
وإذا نظرنا في مكرهم وكيف صوره الله في القرآن الكريم بأوضح عباره فهم يقولون طاعة ويتظاهرون بالاتباع ليحققوا بذلك شرطا من شروط رواية الحديث وهو العدالة الظاهرة .. وكذلك هم يبرزون من عند رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام فهم إذن قد حضروا مجلسه وهذا شرط ثان في الرواية ألا وهو لقاء الراوي بمن روى عنه فلم يكتفوا بشرط المعاصرة الذي اكتفى به مسلم بن الحجاج في صحيحه والذي ادعى الدكتور محمد ذكري الاجماع عليه .. وهو وإن كان كما قال مسلم أنه عمل أغلب الرواة إلا أنه ضعيف عند فحولهم كابن المديني والبخاري وابن القطان وشعبة وغيرهم ..
وهذان الشرطان أي اللقاء والعدالة هما أصل الرواية ولا تصح الرواية إذا أخل بأحدهما أو كليهما .. ولكنها عدالة ظاهرة كما حكم أهل الجرح والتعديل على كل الرواة فعدالتهم عندهم ظاهرة والله يتولى السرائر .. فانظر إلى هذا المكر الخبيث من وضاعي الحديث .. ومن يضع الحديث لا يريد إلا الصد عن سبيل الله .. وعمل أهل الحديث مشكور إلا أنه غير كاف لأن النفاق أمر باطن ولا يكفي التظاهر بالاتباع لنفي النفاق يقينا ..
ولكن السلوك ولحن القول هو من يفضح المنافقين تصديقا لقوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ﴿30﴾} [محمد] .. فهذا لحن القول وسيماهم هو الذي يعرِّفهم لنا .. وهذه المرويات التي تأتي مخالفة للقرآن ليست من عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأن ما عند رسول الله هو من عند الله تصديقا لقوله تعالى: { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴿18﴾ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴿19﴾} [القيامة] .. وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿44﴾} [النحل] .. بل كانت من لحن القول الذي كشفهم وأبان باطلهم ..
فالسنة النبوية من عند الله وهي بيان للقرآن الكريم فكيف لها أن تخالفه .. فما خالف القرآن لم يخرج معه من مشكاة واحدة وهو ليس من عند الله .. ولكننا كيف نعلم أن هذه المرويات هي مخالفة للقرآن إذا كنا قد هجرنا القرآن .. فبتدبر القرآن تنكشف الظلمات ويظهر الفرقان بين الحق والباطل فهو النور المبين والفرقان كما وصفه الله تعالى ..
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿81﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿82﴾} ..
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ} الذي بيتوه وهو غير الذي تقول {مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} عن ما هو من عند الله وهو القرآن الكريم المأمور بتدبره ..
وهذا هو الفصل في القضية وهو في قوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴿112﴾ وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴿113﴾ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿114﴾} [الأنعام] ..
فلا نبتغي غير الله حكما فيما اقترفته أيدي الشياطين وافتروه على أنبياء الله .. وهو الذي أنزل الكتاب مفصلا إلينا لنتدبره فنعرفهم في لحن القول الذي يخالف المحكم البين من القرآن ..
ولنا في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أسوة حسنة فقد ردت على من سألها هل رأى محمد ربه بقولها: "سُبْحَانَ اللَّهِ ، لَقَدْ قف شَعْرِي مِمَّا قُلْتَ ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلاثٍ مَنْ حَدَّثَكَ فَقَدْ كَذَبَ ، مَنْ حَدَّثَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ ، ثُمَّ قَرَأَتْ لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ سورة الأنعام آية 103 وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ سورة الشورى آية 51 وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ ، ثُمَّ قَرَأَتْ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا سورة لقمان آية 34 ، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا فَقَدْ كَذَبَ ، ثُمَّ قَرَأَتْ يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ سورة المائدة آية 67 "" ..
فما بالك لو قال لها أن هذا القول سمعته من فلان وفلان يروونه عن رسول الله .. فما هو الجواب يا ترى؟! .. نعم لقد سبَّقت له بالحديث بأن لا تصدق من حدثك بهذا ، فقد كذب ..
لقد رد إبو حنيفة رحمه الله الحديث بأقل من هذا .. ومذهبه معروف في رد حديث الآحاد فيما تعم به البلوى .. وكذا مالك في مخالفته لعمل أهل المدينة .. ولا أريد في هذا المقام مناقشة المسألة والبحث عن أي القولين أصوب .. فقد جاء كل فريق بما يعتبره دليل .. وموضوعنا مخالفة الرواية لمحكم القرآن ..
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي جرأ هؤلاء الأعلام على الحديث؟! .. والحقيقة أنهم لم يجرأو على الحديث لأنه لم يثبت عندهم أصلا أنه حديث .. فالشبهة على الحديث إما من طريق الإسناد أو من المتن .. والحديث الصحيح لا يكون صحيحا إذا كان به علة .. ومخالفة القرآن الكريم كيف لا تعد علة قادحة وشذوذا يرد به الحديث .. حتى ولو كان برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه ..
ثم إن اتصال الأسانيد يحتاج إلى وقفة ومن كلام أهل الحديث .. فمن هذا الذي حكم بأن اتصال هذه الأسانيد أمر يقيني أجمع عليه الجميع .. لو نظرنا إلى كلام مسلم بن الحجاج وهو يقدم لصحيحه ويذكر شرط المعاصرة في الحديث المعنعن ويتهجم بشدة على من اشترط اللقاء في صحة الاتصال .. ثم نعرج على من علق على كلام مسلم ، كالنووي وابن حجر والذهبي وابن كثير وغيرهم .. ثم لا نجدهم يقفون في صف مسلم بن الحجاج في تهجمه على منهج البخاري وابن المديني والقطان وشعبة ..
فهم إلى جانب هؤلاء وإن كان أغلب الأحاديث مروية على شرط مسلم كما صرح هو ولم يُنكر عليه .. فالبخاري هو من اعتبر أن هذا الشرط لا يكفي في صحة الاتصال كما وضح ذلك في تاريخه لمن أراد أن يراجع وكان يكرر الحديث في مواطن لاثبات اللقاء بين فلان وفلان إذا جاءت الرواية بينهما بـ "عن" ، ومن لم يفهمه نقده من ذكر أحاديث ليست في بابها وإنما جاء بها لغرض إسنادي في صحيحه ..
فكيف يصح بعد هذا ادعاء أن ما في صحيح مسلم بن الحجاج مجمع عليه بين أهل الحديث .. كلا لم ينعقد الإجماع على كتاب مسلم أو كتاب البخاري ونحن نعلم أن هناك من تكلم في بعض أحاديثهما من جهة الإسناد وأخرون من المتكلمين طعنوا في أحاديث أخرى لعلة في المتن ولم ينكر عليهم بأنهم خرقوا الإجماع وإن كان هناك من دافع ونافح عنهما إلا أن الإجماع غير متحقق وادعاؤه باطل ..
وما هو شرط اللقاء الذي اشترطه البخاري في صحيحة للحديث المعنعن .. لقد اشترط لقاء الراوي بمن روى عنه إذا روى عنه بـ "عن" ولو لمرة واحدة .. وأعني بـ "عن" أو العنعنة كما يسمونها أي أن الراوي لم يصرح بالتحديث أو السماع ممن يروي عنه ، أي أنه لم يصرح بالاتصال لأنه عنعن أي قال "عن فلان" ولم يقل حدثني أو سمعت فلانا .. والعنعنة تحتمل الإرسال أي إسقاط راو أو أكثر بين الراوي ومن روى عنه بـ"عن" ..
وزيادة في التوضيح للقراء أذكر أن كثيرا من كتب مختصرات الحديث كرياض الصالحين وغيره تحذف من هذه الأحاديث إسنادها ويكتفى بـ ((عن)) قبل الصحابي ، كعن أبي هريرة وعن ابن عباس وهكذا .. وهم لا يجدون حرجا من ذلك .. فانظروا كم سقط من رجال الإسناد بهذه العنعنة من دون أن يكون ذلك كذبا لأن الرواية بـ "عن" لا تعني حدثني أو سمعت أو أي نوعا من الاتصال فقل انت "عن" رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وبينك وبينه قرونا كثيرة ولن ينكر عليك أحد لأنك لم تقل سمعت أو حدثني .. وهذا إنما هو إيضاح لمعنى عنعنات الأسانيد التي يشترط في صحتها الاتصال واللقاء بين الراوي ومن روى عنه .. والعنعنةفيهاضعف ..
وأعود إلى شرط البخاري رحمه الله .. لقد اشترط على غرار مسلم لقاء الراوي بمن روى عنه إذا روى عنه بـ "عن" ولو لمرة واحدة .. وهذا الذي فتح باب النقد عليه .. فمرة واحدة لا تعطي اليقين بأن ما رواه عنه كان قد سمعه في ذلك المجلس إلا بالإحتمال .. وإذا كان هذا الاتصال الذي نافح عليه البخاري غير يقينيا بل محتملا فليجز لغيره ممن اشترطوا المعاصرة فقط كما أجاز لنفسه -خاصة إذا كان الرواة غير مشتهرون بالتدليس- فالجميع لم يخرجوا من دائرة الإحتمال والظن وكان ممن ذكر هذا النقد الصنعاني وغيره ..
فاتصال أسانيد الحديث على سبيل الاحتمال .. فقولكم هذا القول قاله أبو بكر الصديق وفلان وفلان وفلان من الصحابة يكفي عندكم بأن تنحني له الرقاب مع علمكم بحال الأسانيد وأن اتصالها مظنون والظن لا يغني من الحق شيئا .. فمخالفة هذه المرويات لمحكم القرآن يحكم عليها لا لها .. ومن كذب على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كذب على أصحابه الكرام الذين اتبعوه رضي الله عنهم وأرضاهم ..
ثم إن كلام أهل الجرح والتعديل في الرواة ظني وفيه تعصب مذهبي أحيانا .. فالبخاري مثلا ضعفه بعض الحنابلة من أهل الجرح والتعديل لقوله لفظي بالقرآن مخلوق سواء قاله أو قيل عنه فهو ليس موضوعنا وكذا أبو حنيفة النعمان لمخالفتهم في أخبار الآحاد وكلامه في الإيمان بما يخالف مذهبهم .. ومن قرأ الاحتجاج بالشافعي ولابن أبي حاتم الرازي يعرف المقصود ..
إن هناك جرحا وتعديلا نقله أصحاب الكتب بالرواية .. أي أنهم لم يعرفوا هؤلاء الثقات أو المجروحين لأنهم ليسوا في طبقتهم وكذا هناك ممن هم في طبقتهم لم يلقوهم .. فهل يؤخذ كلامهم أو أحكامهم على اليقين!! .. كلا ..
حتى الذين غلوا وقالوا بأن هذه الأسانيد تفيد العلم هم يعرفون أن هذه الأسانيد خاضعة للبحث وقابلة الخطأ في الحكم عليها .. فهم ليسوا على قول واحد بل مختلفون في الحكم عليها أزمانا ، فقالوا لأجل هذا فهي تفيد العلم النظري الذي يتوصل إليه بالبحث والنظر ، وهذا هو عينه غلبة الظن ولكن عُبر عنه بلفظ مختلف مع بقاء حقيقته وظنيته ..
ونحن بهذا لا ندعوا إلى رد كل مرويات السنة النبوية لهذه الشبهات حولها حاش لله ففيها الحق والباطل والباطل فيها ما خالف القرآن وعارض محكمه .. ولا نرد من مرويات السنة إلا ما خالف كتاب الله .. ونستمسك بكتاب الله وسنة رسوله الحق فكليهما من عند الله .. فلسنا من القرآنيين ونعوذ بالله أن نكون من الجاهلين الذين استمسكوا بالقرآن وردوا سنة البيان .. ولسنا من السنة أو الشيعة ونعوذ بالله أن نكون من الجاهلين الذين استمسكوا بالمرويات وهجروا القرآن وخالفوا محكمه ..
وانتقل إلى أخينا الشيخ أحمد طه الذي احتار ولا يدري بأي عقل يفهم كتاب الله .. وما هي النتيجة إذا كنت لا تدري بأي عقل!! هل ستهجر القرآن لأنك لم تجد العقل الذي ستتدبر به كتاب الله!!
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴿24﴾} [محمد] ..
{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿68﴾} [المؤمنون] ..
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿29﴾} [ص] ..
هل وجدت يا أخانا العقل الذي تبحث عنه في هذه الآيات التي يُخاطب الناس بها .. أم على قلوب أقفالها .. إن الله تعالى لا يريد منك أن تستورد عقلا تفهم به كلامه .. {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴿36﴾} [الإسراء] .. وإذا لقيت الله يوم الحساب فلا تقل: لم يفتني أحد بأي عقل اتدبر كتابك ..
والسؤال الصحيح هو كيف أفهم القرآن كما يريد الله مني أن أفهمه .. والجواب في قوله تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿7﴾} [آل عمران] ..
فيجب أن تفرق بين المحكم والمتشابه ..
- فالمتشابه يبتغى تأويله لأنه غير بين بل يحمل وجوها .. والمحكم لا يبتغى تأويله فهو بين ومبين ولا يحمل أوجه .. يخرجك الله به من الظلمات إلى النور .. {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿9﴾} [الحديد] .. والبين: الواضح ولا يحتاج إلى تأويل ..
- المتشابه يبتغى منه الفتنة والصد عن سبيل الله بوضع الحديث الذي يوافق وجها للمتشابه ويخالف المحكم .. فلا يجوز تفسير المتشابه بما يخالف به المحكم بل ترد المتشابهات إلى المحكمات .. والأحاديث المفتراة التي يُظن من ورائها تفسير المتشابه تأتي مخالفة للمحكم ومناقضة له .. فيقع من يقع في هذه المصيدة من أحسن الظن بهذه المرويات مع خلافها الواضح للمحكم ، وهذا هو مفهوم قوله تعالى:
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿81﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿82﴾} ..
- المحكمات هن أم الكتاب ، والمتشابهات ليست بهذه الكثرة ..
- لا يجوز الإحتكام إلى المتشابه لأن هذا سبيل الذين في قلوبهم زيغ عن الحق في المحكم ..
ولو تدبرت القرآن بهذا الميزان لما استطاع الشيطان إليك سبيلا .. لا بروايات الباطل ولا بأوجه التأويل الكثيرة للمتشابه ولخرجت من كثير من الخلاف الذي وقع المسلمون فيه .. وبقية كلامك تم الرد عليه آنفا ..
وابحث أنت عن هذه الصحائف المفقودة والتي عثر من قبلك على صحيفة همام منها كما يروون ، ولعلك تظفر بما كان يكتبه عبد الله بن عمرو أو جابر كما تقول وما جمععه الزهري .. فهذه الكتب أو الصحائف المفقودة أخرجها للوجود ..
ونقول لأخينا الدكتور مختار الذي خرج عن الموضوع إلى "لن" التي لا تفيد التأبيد كما قال الزمخشري المعتزلي ويظننا منهم .. ما رأيك بقوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)} [آل عمران] ..
وقوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)} [آل عمران] ..
وقوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ
فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)} [النساء] ..
وقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)} [التوبة] ..
واكتفي بهذه الآيات في كتاب الله وإن شئت أتيتك بالمزيد .. فهل "لن" لا تفيد التأبيد عندك في هذه الآيات بمعنى أنها مؤقتة .. ولا أريد أن أجادلك من متشابه القرآن فالتأبيد من غيره بحسب السياق والنظر في آيات الكتاب .. وهذا مثال واضح لكيفية فهم القرآن وعدم الإحتكام فيه إلى المتشابه ..
ودليلكم كله من المتشابه لو كنتم تعقلون ..
فقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴿22﴾ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿23﴾} [القيامة] ..
فهناك كان دليلكم أن "لن" لا تفيد التأبيد .. وتبين أنها تفيد التأبيد في آيات أخر ..
وهنا دليلكم "ناظرة" ولا حجة في المتشابه إذا جاء مخالفا للمحكم .. وكلمة ناظرة لفظ متشابه يحمل أوجها ..
قال تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَـ(((نَاظِرَةٌ))) بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ﴿35﴾} [النمل] ..
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ (((نَاظِرِينَ))) إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ .. الآية (53)} [الأحزاب] ..
لقد جاءت كلمة "ناظر" في موضعين أخريين من القرآن بمعنى الانتظار وليست بمعنى الرؤية .. فهل ترون أن لكم حجة في رؤية الله في الآخرة بهذه الآية المتشابهة .. ولو تدبرتم القرآن في نفس الموضوع لوجدتم أشباه ونظائر تفسر هذه الآية الكريمة تصديقا لقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ .. الآية (23)} [الزمر] .. فالقرآن يفسر بعضه بعضا ..
قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴿22﴾ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿23﴾ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴿24﴾ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴿25﴾} [القيامة] ..
وقال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ﴿38﴾ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ﴿39﴾ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ﴿40﴾ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴿41﴾} [عبس] ..
وقال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴿2﴾ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ﴿3﴾ تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً ﴿4﴾ تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴿5﴾ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴿6﴾ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴿7﴾ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ﴿8﴾ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴿9﴾ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴿10﴾ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ﴿11﴾} [الغاشية] ..
وقال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿106﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿107﴾ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۗ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ﴿108﴾} [آل عمران] ..
فانظروا كم كرر الله هذه الوجوه في القرآن لتفسر هذه الآيات بعضها بعضا ..
- فإلى ماذا تنتظر وجوه الكافرين السوداء عليها غبرة وباسرة وخاشعة إنها تنتظر أن تذوق العذاب وتصلى نارا حامية فهي تظن أي يفعل بها فاقرة ..
- كذلك هناك وجوه بيضاء مسفرة وناعمة ناضرة تنتظر أن تساق إلى رحمة الله -الجنة العالية- هم فيها خالدون فهي ضاحكة مستبشرة ..
فهذا القرآن يفسر بعضه بعضا .. فأين رؤية الله في هذه الآية المتشابهة التي هي عمدتكم ..
وآية أخرى تحتكمون إليها ..
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ .. الآية (26)} [يونس] ..
والحسنى وإن كان لفظا متشابه في القرآن إلا أن تأويله في قوله تعالى:
{لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿18﴾} [الرعد] ..
وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴿101﴾ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴿102﴾ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿103﴾} [الأنبياء] ..
فـ "الحسنى" هي الجنة .. والزيادة على الحسنى هي الزيادة على نعيمها بنعيم رضوان الله وهو أكبر من نعيم الجنة تصديقا لقوله تعالى:
{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿72﴾} [التوبة] ..
ولقوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿15﴾} [آل عمران] ..
فما أشبه هذه الآيات بالتي قبلها ..
- فـ للذين أحسنوا وهم الذين استجابوا لربهم وهم المؤمنون والمؤمنات الذين اتقوا .. لهم الحسنى التي وعدهم بها وهي خير الثواب للذين اتقوا جنات تجري من تحتها الأنهار وأزواج مطهرة ومساكن طيبة في جنات عدن ..
- وزيادة لهم على هذا النعيم نعيما أكبر منه وهو نعيم رضوان الله تعالى ذلك هو الفوز العظيم ..
وهذا هو تأويل القرآن من القرآن المتشابه المثاني الذي جعله الله مفصلا وهو تأويل لا يخالف الآيات المحكمات التي تنفي رؤية الله تعالى .. وهذا كان مثالا لعدم جواز فهم المتشابه بوجه يخالف به المحكم البين الذي لا يبتغى تأويله ولا يأتي الشيطان من جهته للفتنة والصد عن سبيل الله ..
ولنأتي الآن إلى المحكم في رؤية الله وهو قوله تعالى:
{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿103﴾} [الأنعام] ..
فما هي الأوجه التي تحملها هذه الآية .. إنها لا تحمل إلا وجها واحدا وهو نفي رؤية الله من أبصار خلقه .. إلا أن تضيفوا إلى الآية الكريمة تقديرات من أوهامكم وعندها يمكنكم أن تحولوا كل الآيات المحكمة إلى متشابهة .. فهذه الآية كما هي من دون إضافات مقدرة محكمة لا متشابهة ..
ولننظر في أي سياق وردت هذه الآية .. قال تعالى:
{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿100﴾ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿101﴾ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿102﴾ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿103﴾ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴿104﴾} [الأنعام] ..
فبعد أن نفى الله أن يكون له ولد لاستحالة أن تكون له صاحبة ولأن هذا يخالف وحدانيته وهو نفي أبدي لا يمكن الحدوث ولو قيل بقدرة الله على كل شيء وعلى قدرته على اتخاذ ولد .. { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّهُ (((الْوَاحِدُ))) الْقَهَّارُ ﴿4﴾} [الزمر] .. إلا أن هذه قضية مستحيلة الحدوث لا تليق بالله الواحد الأحد ذلكم الله خالق كل شيء والقادر على كل شيء لا تدركه أبصار خلقه وهو يدركها .. وهذا يدل على أن رؤية الله تعالى من القضايا مستحيلة الحدوث لأن الله الخالق لكل شيء القادر عليه لا تدركه أبصار خلقه وهو ليس كمثله شيء وليسوا كمثله حتى تدركه أبصارهم .. قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ..
فهذه هي دلالة المحكم ويؤيده آيات محكمات أخر كقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴿51﴾} [الشورى] .. وهذه آية محكمة لا تقبل إضافة تقديرات ..
فـ {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} والناس في الدنيا والآخرة لن يخرجوا عن بشريتهم ، زادت قوتهم وعظمت خلقتهم أو أو .. سيظلون بشرا ولن يكونوا كالجبل الذي هو أكبر في صدورهم كما قال تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ﴿50﴾ أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ .. الآية (51)} [الإسراء] .. هذا الجبل الذي جعله الله دكا وسواه بالأرض لما تجلى له ..
{أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ} بصيغة المضارع ليشمل المستقبل ويدل على الإستمرار .. فبأي حديث بعده يؤمنون ..
ويشهد لآيات الكتاب المحكمات آيات محكمات ومتشابهات لأن المحكم هو الحق .. فيوم القيامة تستحيل رؤية الله لمن يعتقد بحدوثها..فالله يأتي في ظلل من الغمام بعضها فوق بعض تصديقا لقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿210﴾} [البقرة] ..
فهل تنظرون من خلال الضباب فضلا عن الغمام الكثيف كالظلل الذي تشقق السماء به .. {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ﴿25﴾ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَٰنِ ۚ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴿26﴾} [الفرقان] .. فأين الباطل المفترى أمام هذه الآيات الواضحات التي تفسر بعضها وتؤكد على قضية واحدة وهي نفي رؤية الله بأبصار الخلائق ..
والاعتقاد برؤية الله استكبار وعتو كما وصفه الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا ۗ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ﴿21﴾} [الفرقان] ..
وموسى نبي الله وكليمه تاب من هذا المعتقد كما أخبر الله بذلك .. {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿143﴾} [الأعراف] ..
فهل تتوبون إلى الله كما تاب موسى عليه السلام ..
إني أدعوكم أيها االشيوخ الأفاضل إلى الحوار في طاولة الحوار مع الإمام الناصر لمحمد المهدي المنتظر الحق من ربكم من زاده الله بسطة في علم البيان للقرآن على كافة علماء الأمة حتى يحكم بين الطوائف على اختلاف مذاهبهم ويعيدهم إلى منهاج النبوة الأولى .. وهو الآن في عصر الحوار من قبل الظهور فصدقوا بالحق من ربكم حتى يظهر لكم عند البيت العتيق للبيعة على الخلافة المهدية الراشدة فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ..
ودلائل مهديته ستعرفونها إن شاء الله تعالى إن استجبتم لداعي الله إلي الحوار في طاولة الحوار في منتديات البشرى والنبأ العظيم ..
https://albushra-islamia.net./forum.php
وما هذه المقدمة مني إلا دعوة وتمهيدا إلى الحوار في طاولة الحوار .. وأنا أحد أنصاره وقد كنت على مذاهبكم حتى أراني الله النور البين الواضح بمن عنده علم الكتاب الذي يدعوا الناس بدعوى الله في كتابه إلى عدم التفرق إلى طائفيات وأحزاب وكل حزب بما ليهم فرحون .. فلا ينصر الشيعة على السنة ولا السنة على الشيعة ولا يتبع أهواءهم ولا يطلب رضوانهم .. بل رضوان الله أعظم الغايات هو غايته وأهدى الرايات رايته وما جادله أحد من القرآن إلا غلبه الناصر لمحمد رسول الله...
هكذا أخبره الرسول الكريم عليه وآله الصلاة والسلام في الرؤيا الحق .. فإن صدقه الله الرؤيا فقد أقام الحجة عليكم وهي رؤيا حق من الحق تبارك وتعالى .. وإن غلبتموه كفيتم الناس شره .. مع العلم أنه لم يسبق له الفقه ولا التفقه ولا يفسر القرآن بالظن الذي لا يغني من الحق شيئا .. بل بيان القرآن من ذات القرآن بإلهام من الرحمن لا بوسسة شيطان بل بعلم محكم وبيان مفصل من الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ..
أيها الأفاضل .. لقد اتبع الناصر لمحمد آلاف من البشر وهم في ازدياد .. لأنهم يقرأون له بحيادية تامة ولا يحاكمونه إلى مذاهبهم -فالمذاهب ليست قرآنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وإنما هي رأي وآراء قابلة للصواب والخطأ بالدليل- ولا يحكمون عليه مسبقا من قبل أن يقرأوا له .. بل الإنصاف والحيادية فاحذوا حذوهم وكونوا كما قال الله تعالى عن أولي الأباب المهتدين .. {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿18﴾} [الزمر] ..
فإن كنتم تروننا على ضلالة فسوف يسألكم الله عنا فذودوا عن حياض الدين وأظهروا باطله بين أنصاره حتى ينفضوا عنه وتنقذوا هذه الجمهرة من الناس الباحثين عن الحق .. ألا فلتتقوا الله تعالى ولا تعرضوا عن حوارنا في الموقع المذكور .. اللهم اشهد وأنت خير الشاهدين ..
..